ج2: عن قوله (عبس وتولى) - ما هي الآراء التي ذكرها العلماء وغيرهم في تفسير قوله تعالى (عبس وتولى) - من تفاسير أهل السنة والشيعة والإنترنت.

بسم الله الرحمن الرحيم

سلسلة قصص من كتب التفاسير

رسالة

الرأي الأولى في تفسير قوله تعالى (عبس وتولى)

وبيان حقيقة قصة النبي مع الصحابي ابن مكتوم

 (الفصل الثاني)

#- فهرس:

:: الفصل الثاني :: عن آراء العلماء وغيرهم حول تفسير قوله (عبس وتولى) ::

1- س2: ما هي الآراء التي ذكرها العلماء وغيرهم في تفسير قوله تعالى (عبس وتولى) ؟

#- أولا: من تفاسير علماء أهل السنة والجماعة لقوله (عبس وتولى).

#- ثانيا: من تفاسير علماء الشيعة لقوله (عبس وتولى).

#- ثالثا: من غرائب الأقوال على الإنترنت حول قوله (عبس وتولى).

#- رابعا: دردشة عقلية بسيطة حول لفظ (عبس) وتصورات البعض حول هذا اللفظ.

*****************

:: الفصل الثاني ::

*****************

 

..:: س2: ما هي الآراء التي ذكرها العلماء وغيرهم في تفسير قوله تعالى (عبس وتولى) ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- سأذكر لك هنا أخي الحبيب .. ما قيل من آراء حول قوله تعالى (عبس وتولي) .. من كلام المفسرين .. حسب ما وقفت عليه من خلال بحثي .. وأقوم بالتعليق على كل رأي إن وجدت ذلك يستحق التعليق .. مع ملاحظة أن هنا فقط سأكتفي بنقل الآراء .. دون أي تفاصيل أخرى والتي سأتركها في فصول أخرى.

 

#- أولا: من تفاسير علماء أهل السنة والجماعة لقوله (عبس وتولى)..

1- قال الإمام أبو منصور الماتريدي رحمه الله (المتوفى: 333هـ):

أ- ذكر الحسن: أن تعبس الوجه والتولي كانا بنفس المجيء على ظاهر الآية .. فإنه ذكر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كان عنده من عظماء المشركين قوم يعظهم ويدعوهم إلى الإسلام، فلما جاءه ابن أم مكتوم يسأله .. أعرض عنه لمكان أُولَئِكَ القوم .. وعبس وجهه رجاء إسلامهم. (تفسير الماتريدي – تأويلات اهل السنة ج10 ص417).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا:

- قوله (عبس وجهه): أي النبي هو الذي عبس وجهه أي ظهر على ملامح وجهه الضيق.. وليس عبس في وجه الأعمى ..!! فانتبه.

- قوله (رجاء إسلامهم): أي ظهر الضيق على وجهه لأنه كان يكلم القوم رجاء إسلامهم ولم يكن الوقت مناسبا لأن يأت عبد الله بن أم مكتوم ليسأله عن شيء.

 

ب- ثم قال الماتريدي:

- وذكر غيره من أهل التفسير: أنه عبس وتولى .. لما سأله ابن أم مكتوم عما فيه رشده وهداه .. فعبس وجهه بقطعه الحديث عليه. (تفسير الماتريدي – تأويلات اهل السنة ج10 ص417).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا:

- هذا التفسير الثاني الذي ذكره الماتريدي لا يختلف عن التفسير الأول .. إلا من حيث فقط كثرة تكرار سؤال الأعمى .. إذ أن التفسير الأول عن الحسن البصري يشير إلى أن العبوس والتولي كان في لحظة مجيء بن أم مكتوم .. أي حين رؤيته وهو ينادي على النبي ويطلب أن يسأله في شيء عن الدين ..، ولكن الرأي الثاني يظهر منه أن العبوس والتولي حدث لأن عبد الله بن أم مكتوم كان يكثر النداء والإلحاح على النبي ليكلمه .. وهذا كان يكثر من تكرار مقاطعته في حديثه مع القوم.. والله أعلم.

 

ج- ثم قال الماتريدي:

- ومنهم: من ذكر أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لم يقصد إلى تعبس الوجه على ابن أم مكتوم .. ولا تولى عنه عمدا لذلك .. لكن لما قطع عليه حديثه .. وكان فيه قطع رجاء إسلام أُولَئِكَ القوم .. شق ذلك عليه .. واعتراه من ذلك هم شديد .. أثر ذلك في وجهه .. لا أن كان منه ذلك على القصد. (تفسير الماتريدي – تأويلات اهل السنة ج10 ص418-419).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا:

- وهذا الرأي هو أحسن الآراء التي ذكرها الماتريدي .. والله أعلم.

 

د- ثم قال الماتريدي:

- ووجه آخر: أن يقال: إن اللَّه - تعالى - جعل في قلبه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - من الشفقة والرحمة على العالمين حتى بلغ من شفقته أن كادت نفسه تذهب على من أعرض عن دين اللَّه - تعالى - والإيمان به حسرات عليه، وحتى قيل له: (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)، وقال: (وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ)، وقال: (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ).

- وتأويله: ألا تحزن بمكانهم كل هذا الحزن؛ فيكون فيه تخفيف الأمر عليه .. لا أن يكون فيه نهي عن الحزن وعن الحسرة .. ولذلك قال: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ)، ومعناه - واللَّه أعلم -: ألا تحمل نفسك كل هذا التحميل حتى تمتنع عن الانتفاع بما أحل اللَّه لك الانتفاع به؛ طلبا لمرضاتهن .. لا أن ينهاه عن ابتغاء مرضاتهن .. بل قد ندب إلى ابتغاء مرضاتهن بقوله: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ) الآية.

- فجائز أن يكون رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - اشتد عليه إعراض أُولَئِكَ القوم عن الإيمان، وكبر ذلك عليه حتى تغير لون وجهه .. فظهرت عبوسة وجهه .. فنزل قوله - تعالى -: (عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى) يبين شدة ما اعتراه من الهم حتى أثر ذلك في وجهه .. لا أن يكون فيه مذمة ومنقصة له. (تفسير الماتريدي – تأويلات اهل السنة ج10 ص418-419 .. وتقسيم التفاسير إلى أ- ب- ج- د هو من وضعي الخاص للتنبيه على كل رأي ذكره الماتريدي).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا:

- هذا الرأي الاخير بالرغم من وجاهته .. إلا أنه أوقف التفسير فقط على لفظ (عبس) ونسب سبب العبوس للنبي إلى عدم إيمان من يجالسونه بما يقوله النبي .. ولكن أين مفهوم لفظ (تولي) حينئذ في هذا التفسير ؟!! وكيف يكون على هذا الرأي تفسير الآيات التالية (أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) .. وما بعدها من الآيات ثم كيف يفسر أصحاب هذا الرأي العتاب في قوله تعالى: (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) .. وغير ذلك ؟!!

- إذن: هذا الرأي التفسيري السابق وإن كان جيد من حيث لفظ (عبس) إلا أنه لا رابط بينه وبين باقي الآيات التي يظهر فيها فعلا العتاب .. والله أعلم.

 

2- قال القاضي عياض رحمه الله  (المتوفى: 544هـ):

- وَقِيلَ: أراد (بِعَبَسَ) (وَتَوَلَّى) .. الكافر الذي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم .. قاله أبو تمام. (الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج2 ص366).

 

- ملحوظة: القاضي عياض ينقل عن السادة المالكية لأنه من سادتهم .. وأبو تمام هنا .. هو أبو تمام علي بن محمَّد بن أحمد البصري، الفقيه المالكي من أصحاب الأبهري. (راجع ترتيب المدارك للقاضي عياض ج7 ص76) .. وليس هو الأديب الشاعر حبيب أبن أوس الطائي  ..كما توهم من قال بذلك .. فانتبه.

 

3- قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله (المتوفى: 606هـ):

- أجمع المفسرون .. على أن الذي عبس وتولى .. هو الرسول عليه الصلاة والسلام، وأجمعوا على أن الأعمى هو ابن أم مكتوم. (تفسير الفخر الرازي ج31 ص53).

 

4- قال الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله (المتوفى: 852 هـ):

- ولم يختلف السلف في أن فاعل (عبس) هو النبي صلى الله عليه وسلم .. وأغرب الداودي فقال هو الكافر. (فتح الباري ج8 ص692).

 

- معنى قوله (أغرب): أي خالف .. أي أن الإمام أحمد بن نصر أبو جعفر الداودي (المتوفى: 402هـ) .. قد خالف ما عليه عموم رأي السلف .. والداودي أشهر مفسري البخاري ولازال تفسيره مفقود .. ولكن آراءه منتشرة في كتب مفسري البخاري ..

 

5- قال الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (المتوفى : 1393هـ):

- ويظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم .. رجا من ذلك المجلس أن يسلموا فيسلم بإسلامهم جمهور قريش أو جميعهم .. فكان دخول ابن أم مكتوم قطعا لسلك الحديث وجعل يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله استدنني، علمني، أرشدني، ويناديه ويكثر النداء والإلحاح .. فظهرت الكراهية في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم لعلة قطعه عليه كلامه .. وخشيته أن يفترق النفر المجتمعون. (تفسير التحرير والتنوير ج30 ص105).

 

#- ثانيا: من تفاسير علماء الشيعة لقوله (عبس وتولى) ..

- قال الشيخ هاشم الحسيني البحراني "من مشايخ الشيعة" (ت 1107ه(:

1-"عن" علي بن إبراهيم قال: نزلت في عثمان و ابن أم مكتوم، و كان ابن أم مكتوم مؤذنا لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، و كان أعمى، فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) و عنده أصحابه، و عثمان عنده، فقدمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عثمان، فعبس عثمان وجهه و تولى عنه، فأنزل الله: (عَبَسَ وَتَوَلَّىٰ) [يعني عثمان] (أَن جَآءَهُ ٱلأَعْمَىٰ * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ) أي يكون طاهرا زكيا (أَوْ يَذَّكَّرُ) قال: يذكره رسول الله (صلى الله عليه و آله) (فَتَنفَعَهُ ٱلذِّكْرَىٰ).

 

- ثم خاطب عثمان فقال: (أَمَّا مَنِ ٱسْتَغْنَىٰ * فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّىٰ) ، قال: أنت إذا جاءك غني تتصدى له و ترفعه: (وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّىٰ) أي لا تبالي زكيا كان أو غير زكي، إذا كان غنيا (وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ) يعني ابن أم مكتوم (وَهُوَ يَخْشَىٰ * فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّىٰ) أي تلهو ولا تلتفت إليه.

 

2- "عن" الطبرسي "مفسر": روي عن الصادق (عليه السلام): أنها نزلت في رجل من بني أمية، كان عند النبي (صلى الله عليه و آله) فجاء ابن أم مكتوم، فلما رآه تقذر منه و عبس وجهه و جمع نفسه، و أعرض بوجهه عنه، فحكى الله سبحانه ذلك عنه و أنكره عليه ".(تفسير البرهان في تفسير القرآن – نقلا من موقع التفاسير – وما بين علامات التنصيص "عن" فهي إضافة مني لتوضيح مقصد الكاتب).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا:

أ- هذا التفسر المروي عن (على بن إبراهيم القمي) .. وهو من أحد كبار رواة الأحاديث عند الشيعة مثل البخاري عند أهل السنة .. قد ذكر قصة عثمان بلا أي إسناد في تفسيره .. وحينما نقلها عنه صاحب تفسير البرهان .. فقد نقلها أيضا بدون سند .. والقصة كلها باطلة ومفبركة .. إذ لا دليل عليها.

 

ب- ومسألة تقديم النبي للأعمى على عثمان فيها من الكذب ما فيها على النبي .. إذ لا دليل على أن النبي فعل ذلك .. ولا وجود أصلا لعثمان في تلك القصة ..!!

 

ج- ولا يعقل أبدا أن يكون قوله تعالى (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّىٰ) وما بعدها من آيات مثل (وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى) .. لا يمكن أن تتعلق بعثمان ولا بغير عثمان .. لأن كاف الخطاب في قوله (يدريك) (عليك) (جاءك) مرتبطة بمن جاءه الأعمى .. فهل جاء الأعمى يسعى لغير النبي ؟!!

- أكيد .. لا ..

- إذن: هذا التفسير باطل بنسبة 100% .. والأعمى لم يجيء لعثمان هذا الذي تم اختراعه في القصة لمن أتى بهذا التفسير الغريب .. وهو تفسير باطل بكل تأكيد ..!!

 

- ولا داعي للتعليق بأكثر من ذلك .. فما سبق فيه الكفاية لمن كان له عقل وبصيرة.

 

#- ملحوظة هامة:

- فقط أحببت أن أذكر هذا التفسير من مراجع الشيعة .. من باب الإحاطة بالمعلومة التفسيرية لما يقال حول الآية .. خاصة وقد وجدت بعض الكتب أهل السنة يحذف (عثمان) ويكتب بدلا منها (صحابي) وكأنه خجل يكتب كلمة (عثمان) او خجل أن يكتب أنه نقله من الشيعة ..!!

- ولا أدري من أين اتى بكلمة صحابي في القصة .. ولا أدري لماذا لم يذكر المصدر الذي نقل عنه .. !! وعموما .. ستظل المشكلة قائمة .. مهما كان المسمى .. ومهما حاول البعض تلفيق التفسير للآيات بما لا يمكن قبوله عقلا ولا لغة .. فيستحيل أن يكون تفسير الآيات من رقم (3 حتى 11) .. بعيدا عمن هو جاءه الأعمى يسعى إليه .. والذي من المفترض أنه هو النبي .. وبالتالي ستظهر المشكلة وهي ماذا ستفعل في كاف الخطاب في باقي الآيات المرتبطة بمن جاءه الأعمى يسعى إليه ؟!!

 

#- ثالثا: من غرائب الأقوال على الإنترنت حول قوله (عبس وتولى).

- تجد رأي على الإنترنت يقول أن (عبس) ليست للنبي وإنما للكافر .. وليست المشكلة هنا .. وإنما المشكلة هو أنه يستدل بأن دليل أنها للكافر هو ما جاء في سورة المدثر (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ) المدثر 18-25.

 

- فالعبوس في آية سورة المدثر خاصة بالوليد بن المغيرة .. وهو نفسه الذي كان يجالسه النبي ونزل فيه (عبس وتولى) .. فكان قوله (عبس وتولى) خاصة بالكافر وليس بالنبي ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا:

- أما ان يكون قوله (عبس وتولى) المقصود به الكافر .. فهذا رأي تفسيري عند بعض علماء السلف مثل أبو تمام والداودي وكلاهما من علماء القرن الرابع الهجري حسب ما أظن.

 

- ولكن التعقيب هنا .. في ربط لفظ (عبس) بمجيئه في سورة أخرى .. وقال أن هذا هو ذاك .. لمجرد التشابه اللفظي ..!!

 

- فمطابقة وصف لفظي في القرآن على شخص واحد بلا دليل .. هو تفسير باطل .. وإلا سيكون هذا الوصف في عموم القرآن متعلق فقط بهذا الشخص .. وهذا شيء غير صحيح..

 

- فمثلا عند قوله تعالى: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا) الإنسان:9-10.

 

- ماذا نفعل هنا في كلمة (عبوسا) ؟!! وهي وصف ليوم القيامة لما فيه من أهوال وشدة وما يصاحب ذلك من عبوسا سيلازم الوجوه من شدة ما سيرون من أهوال ، والقمطرير هو المقبض أو الشديد الصعب ..

- وبالتأكيد الوصف بالعبوس هنا .. لا علاقة له بالوليد بن المغيرة ولا بغيره وإنما بعموم الخلق.

 

- إذن: مسألة تعميم لفظ في القرآن على شخص محدد دون دليل .. هو خطأ وغير صحيح وغير مقبول.

 

#- رابعا: دردشة عقلية بسيطة حول لفظ (عبس) وتصورات البعض حول هذا اللفظ.

1- العبوس هو طبيعة بشرية تحدث لأي أحد .. ولكن الفارق هو هل هذا العبوس نتيجة حزن أم غضب أو كراهة .. وهل تفعله مع نفسك أو تظهره في وجه غيرك .. ولو أظهرته فهل تقصد به الإساءة إليه أم التوجع أمامه ..

 

2- وهنا سؤالي: لماذا التصور في عقل البعض أن النبي عبس في وجه الأعمى وهو لا دليل على ذلك أصلا ؟!! بل واعتبر من يقول بذلك فهو يقول بخرافة لا وجود لها .. حتى أنه لا وجود لها فيما هو محتمل قبوله من الروايات ..!!

- شيء غريب جدا ..!!

- فعلا شيء غريب .. أن تجد أحد يأتي بلفظ العبوس ويضع له تصور خاص في عقله قد اختاره .. وهو أن المقصد بهذا العبوس هو الإساءة للغير .. ثم تصور أن النبي فعل هذا التصور .. ثم ينكر هذا اللفظ بهذا التصور الذي هو تصوره في دماغه عن هذا اللفظ .. لأنه لا يمكن أن يكون فعله النبي .. !!

 

- بقى ده كلام .. يا عم إمام ؟!! هو أنت هتمشيها تصورات من دماغك ولا إيه ؟!!

 

- ما هو أحنا عارفين أن النبي لم يعبس في وجه أحد .. لكن ليه أنت تصورت التصور السابق .. وهو لا وجود له أصلا لا في الآيات .. ولا حتى في القصة التي محتمل تحسينها ؟!!

 

3- انتبه أخي الحبيب من خطأ كبير لاحظته:

- وهذا الخطأ يظهر عند من ينكرون أن يكون قوله (عبس وتولى) هو خاص بالنبي .. وهذا الخطأ هو:

- أنهم يعزلون تفسير (عبس وتولى . أن جاءه الأعمى) عن باقي الآيات المرتبطة بكلتا الآيتين .. أي حتى الآية الحادية عشر من سورة عبس .. وكأن مخهم تم برمجته فقط على كيفية التخلص من إخراج النبي من وصف العبوس والتولي .. فقط .!!

 

- فماذا عن تفسير باقي الآيات .. والعتاب الذي فيها لمن هو .. حتى الآية الحادية عشر؟!!

  

- ورجاء أخي الحبيب .. كن هادئنا وأنت تقرأ في العلم .. وفي بحثك عن معرفة حقيقة .. تعلم أن تنزع الفكر المسبق عن عقلك وضع احتمالات الصواب لكل الآراء .. وستجد في النهاية ما يطمئن له قلبك إن شاء الله .. وستجد في كل فصل علم محقق بإذن الله بأسلوب جيد .. ففكر بهدوء ولا تجعل العاطفة تسحبك إلى ما قد لا يجعلك تنتبه عن رؤيتة وإدراكه .. لأن هياج العاطفة بانفعال غالبا يصاحبه خطأ ..

  

#- وخلاصة القول في هذا الفصل:

- أن ما سبق من آراء .. حول قوله تعالى: (عبس وتولى) .. تتلخص في الآتي:

1- أن المقصود بمن "عبس وتولى" .. هو النبي صلى الله عليه وسلم.

2- أن المقصد بمن "عبس وتولى" .. هو الكافر الذي كان يجالسه النبي وقت أن جاء الاعمى للنبي ..

3- أن المقصد بمن "عبس وتولى" .. هو أحد الصحابة والبعض قال عثمان .. وهذا الرأي باطل جملة وتفصيلا ..

 

#- أما عن اختياري للرأي الذي أرتضيه .. فهذا أذكره في ختام الرسالة إن شاء الله.

 

@- وإذا كان ما سبق من آراء قد ذكرتها هي فقط مجرد آراء تتعلق بتفسير (عبس وتولى) .. ولكن القصة المرتبطة بهذه الآية .. لم تمر على العلماء مرور الكرام .. دون نقد .. واستفهامات كثيرة .. سواء عند علماء السنة أو الشيعة .. وذلك لمن يفسر (عبس وتولى) بأنها خاصة بالنبي .. وبالتالي كيف يتم التوفيق بين هذه القصة مع النصوص القرآنية التي أشارت لكون النبي على خلق عظيم .. وكذلك علامات استفهام حول من قال أن (عبس وتولى) تتعلق بالكافر وكيف يكون حينئذ تفسير (كاف) الخطاب في باقي الآيت والعتاب لمن ..؟ ..

- وغير ذلك من مسائل كثيرة .. نبدأ فيها إن شاء الله من الفصل القادم .. في جولة علمية ممتعة إن شاء الله .. والله ولي التوفيق. 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة وكل مواضيع المدونة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .